للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النيل، وقلت: اللهم أظهر التمساح، فخرج إليّ، فشققت جوفه، وأخرجت ابنها صحيحا، فقالت: كنت إذا رأيتك سخرت منك، فاجعلني في حل، فأنا تائبة إلى الله تعالى «١» وقال أحمد بن مقاتل البغدادي: لما دخل ذو النون بغداد، دخل عليه صوفية بغداد، ومعهم قوّال، فاستأذنوه أن يقول شيئا بين يديه؛ فابتدأ يقول:

صغير هواك عذّبني ... فكيف به إذا احتنكا

وأنت جمعت من روحي ... هوى قد كان مشتركا

أما ترثي لمكتئب ... إذا ضحك الخليّ بكا؟

قال: فقام ذو النون وتواجد، وطال تواجده، وسقط على وجهه، والدم يقطر من جبينه، ولا يسقط على الأرض.

ثم قام رجل من القوم يتواجد، فقال له ذو النون: الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ

«٢» ، فجلس في الحال.

وحكي أن جارا لذي النون قام ليلة؛ فسمع ذا النون يقول- وهو باك-" كم من ليلة بارزتك يا سيدي! بما أستوجب به الحرمان منك؟. وأشرفت بقبيح أفعالي منك على الخذلان، فسترت عيوبي عن الإخوان، وتركتني مستورا بين الجيران، لم تكافئني بجريرتي، ولم تهتكني بسوء سريرتي، فلك الحمد على صيانة جوارحي، وأنا أقول كما قال النبي الصالح: لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

«٣» .

إلهي! عرف المطيعون عظمتك فخضعوا، وألف العاصون رحمتك فطمعوا، فمن أيهما كنت، اغفر لي بعظمتك التي تصاغر لديها كل شيء، وبرحمتك التي وسعت كل شيء، اغفر لي وارحمني، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت".

وقال أبو عبد الله بن الجلاء: كنت مجاورا بمكة مع ذي النون؛ فجعنا أياما كثيرة، لم يفتح لنا بشيء، فلما كان ذات يوم، قام ذو النون قبل صلاة الظهر، ليصعد إلى الجبل يتوضأ

<<  <  ج: ص:  >  >>