سكرية مبرّدة، مثل الأقسما التي تعمل للسلطان، وقال لي: اشرب هذه فإنك قد جئت من حر الطريق.
وحكى لي الشيخ أحمد بن عمر الأنصاري قال: الشيخ محمد المرشدي يتوجّه في كل سنة إلى" كوم فرح" أظنه قال: في نصف شعبان، ويأتيه من الخلائق ما لا يحصى كثرة، ومعهم دوابّهم، و" كوم فرح" في مكان منقطع، شاسع، ويقيم الناس عند الشيخ ثلاثة أيام، وهو يقوم بهم، وبما يحتاجون إليه من طعام وشراب، وعليق، كل هذا يتولاه بنفسه، ولا يعرف من أين يأتي به؟!.
وحكى لي الأمير الوزير مغلطاي الجمالي «١» - رحمه الله تعالى- قال: توجّهت إلى زيارة الشيخ محمد، فلما قربت منه، اشتهيت قمحية بلبن حليب، بلحم خروف رميس، فلما وصلنا، جاء ومعه زبدية كبيرة فيها قمحية بلبن حليب بلحم خروف رميس، وقال لي:
كل، ثم بقي يغيب ويجيب أشياء أخر، ويضعها قدام مماليكي. وكلما جاب شيئا إلى واحد منهم يعجب منه ويقول: والله أنا كنت قد اشتهيته!. وأحضر أكثر من عشرين لونا ما يطبخ إلا في مطبخ السلطان.
وحكى لي شهاب الدين أحمد بن مليح الاسكندري بالاسكندرية، قال: نويت زيارة الشيخ محمد في نفسي، وقلت: لعلّي أصادف عنده هيطلية بسمن وعسل آكل منها؟.
فجاء كتاب وكيل الخاص باستعمال حوائج السلطان أعاقني عن ما عزمت عليه، فلم يمض غير يومين أو ثلاثة، وإذا أنا برجل قد أتاني من عند الشيخ، وقال: الشيخ يسلم عليك، وقد بعث لك هذا السمن والعسل لتعمل لك هيطلية، وتأكلها بهما، ولو كانت تحمل إليك بعث لك بها.