تلميذه، وله في الفلسفة كتب وأشعار، وله في التأليف كلام لم يسبقه أحد إليه، استنبط به صنعة الديباج، وهو الكلام المنسوب إلى الخمس النسب التأليفية التي لا سبيل إلى وجود غيرها، ثم استشرف إلى علم العالم كله، وعرف موانع الأجزاء المؤتلفات الممتزجات باختلاف ألوانها، وأصباغها، وائتلافها على قدر النسبة، فوصل إلى علم التصوير، [فوضع أول حركة جامعة لجميع الحركات ثم صنفها بالنسبة العددية، ووضع الأجزاء المؤتلفة على ذلك فصار إلى علم تصوير التصويرات] فقامت له صناعة الديباج، وصناعة كل مؤتلف به.
وله في الفلسفة كلام عجيب «١» . وكان قد أخذ في أول أمره في تعلم علم الشعر، واللغة، فبلغ من ذلك مبلغا عظيما، إلى أن حضر يوما سقراطيس، وهو يثلب «٢» صناعة الشعر، فأعجبه ما سمعه منه، وزهد فيما كان عنده منه، ولزم سقراط وسمع منه خمس سنين، ثم مات سقراط، فقصد مصر للقاء أصحاب فيثاغورس. وكان يتبع سقراط في الأشياء المحسوسة ويتبع فيثاغورس في الأشياء المعقولة. وكان يتبع سقراطيس في أمور التدبير «٣» .
ثم رجع إلى بلده «٤» ، ونصب فيها بيتي حكمة، وعلّم الناس، وفعل الجميل، وأعان الضعفاء. وكان حسن الأخلاق، كريم الأفعال، كثير الإحسان إلى كل ذي قرابة منه، وإلى الغرباء. ثبتا، حكيما، صبورا، وكان يرمز حكمته، ويشير إليها، ويتكلم بها ملغوزة حتى لا يظهر مقصده إلا لذوي الحكمة.