عبد الله بن حمدان التغلبي «١» ، وأكرمه إكراما كثيرا، وعظمت منزلته عنده، وكان له مؤثرا.
ونقلت من خط بعض المشايخ، أن أبا نصر الفارابي سافر إلى مصر سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، [ورجع إلى دمشق، وتوفي بها سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة] ، عند سيف الدولة علي بن حمدان، وفي خلافة الراضي، وصلى عليه سيف الدولة في خمسة عشر رجلا من خاصته «٢» .
ويذكر أنه لم يكن يتناول من سيف الدولة من جملة ما ينعم به عليه سوى أربعة دراهم فضة في اليوم، يخرجها فيما يحتاجه من ضروري عيشه، ولم يكن معتنيا بهيئة، ولا [منزل] ولا مكسب. ويذكر أنه كان يغتذي بماء قلوب الحملان مع الخمر الريحاني فقط. ويذكر أنه كان في أول أمره قاضيا، فلما شعر بالمعارف نبذ ذلك، وأقبل بكليته على تعليمها، ولم يسكن إلى نحو من أمور الدنيا البتة.
ويذكر أنه كان يخرج إلى الحرّاس في الليل من منزله، يستضيء بمصابيحهم فيما يقرؤه، وكان في علم صناعة الموسيقى وعملها قد وصل إلى غاياتها، وأتقنها إتقانا لا مزيد عليه. ويذكر أنه صنع آلة غريبة يسمع منها ألحان بديعة، يحرك بها الانفعالات.
ويذكر أن سبب قراءته للحكمة أن رجلا أودع عنده جملة من كتب أرسطوطاليس، فاتفق أنه نظر فيها، فوافقت منه قبولا وتحرك إلى قراءتها، ولم يزل