كان مع توسعه في الحكمة، وتتبعه لسرجها المضيئة في كل ظلمة، مصرّا على نصرانيته «١» ، معظّما لأمور رهبانيته، ينقاد إلى خدعها، ولا يخفى عليه أنها ضلال، ويتردّد إلى بيعها «٢» ، ولا يعتريه ملال، ويعظم صورها الممثلة، ويظل عليها عاكفا، وإليها عاطفا، وهو على يقين من أنها لا تنطق، ولا تمسك عليه من خزائن رزقها ولا تنفق. على أنه كان إماما في الطبيعي لا يعدو علمه، ولا يخاف عدمه، فأما من ذكر سواه فكثيرا ما يجد من واساه.
ذكره ابن أبي أصيبعة، وقال:" هو الفيلسوف الإمام العالم [أبو الفرج عبد الله ابن الطيب، وكان كاتب الجاثليق] ومتميزا بين النصارى ببغداد، ويقرئ الطب في البيمارستان العضدي،.... جليل المقدار، واسع العلم، شرح كثيرا من كتب أرسطو، وأبقراط، وجالينوس، وكانت له قوة في التصنيف، وأكثر ما كانت تؤخذ عنه إملاء من لفظه، [وكان معاصرا للشيخ الرئيس ابن سينا] .
وكان الرئيس يحمده في الطب، ويذمه في الحكمة، وقال فيه:" وكان يقع إلينا كتب يعملها الشيخ أبو الفرج ابن الطيب، في الطب، ونجدها صحيحة مرضية، خلاف تصانيفه في المنطق والطبيعيات، وما يجري معها".
وحكى ابن القفّ «٣» : أن رجلين أتيا من بلاد العجم للقراءة على ابن