الطيب، فقيل لهما إنه في الكنيسة للصلاة، فأتيا عليه، فوجداه لابسا ثوب صوف، مكشوف الرأس، وبيده مبخرة فيها بخور، وهو يدور في الكنيسة، يبخرها؛ فتأملاه، وتحدّثا بالفارسية، وأداما النظر إليه، والتعجب من فعله! وهو من أجلّ الحكماء، فكأنه رآهما، وفهم عنهما ما هما فيه. فلما فرغ من شأنه، لبس ثيابه المعتادة، وقرّبت له البغلة، فركبها، ومشت الغلمان حوله. فتبعاه، وسألاه أن يقرئهما. فقال لهما: أحججتما قط؟.
فقالا: لا.
فقال: لا أقرئكما حتى تحجّا.
فحجّا، ثم أتياه وقد علاهما الشحوب، ورؤوسهما محلّقة، فسألهما عن مناسك الحج، وما فعلاه فيها؟. فأخبراه بها.
فقال لهما: لما رميتما الجمار بقيتما عراة موشحين، وبأيديكما الحجارة وأنتما تهرولان وترميان بها؟.
قالا: نعم.
فقال: هكذا الأمور الشرعية، تؤخذ نقلا لا عقلا!.
فعرفا قصده، وعجبا منه، ثم اشتغلا عليه، وكانا من أجلّ تلامذته «١» .