ثم قال: وأوصيه، ثم أوصيه، ثم أوصيه بأن يبالغ في تربية ولدي أبي بكر، فإن آثار الذكاء والفطنة ظاهرة عليه، ولعلّ الله تعالى يوصله إلى خير.
وأمرته وأمرت تلامذتي وكل من لي عليه الحق، أني إذا متّ يبالغون في إخفاء موتي، ولا يخبرون أحدا به، ويكفنوني، ويدفنوني على الوجه الشرعي، ويحملونني إلى الجبل المصاقب لقرية مزداخان «١» ، ويدفنوني هناك، وإذا وضعوني في اللحد قرؤوا عليّ ما قدروا عليه من الهبات القرآن، ثم ينثرون عليّ التراب بعد الإتمام، ويقولون: يا كريم! جاءك الفقير المحتاج إليك، فأحسن إليه".
وهذا منتهى وصيتي من هذا الباب، والله تعالى الفعّال لما يشاء وهو على ما يشاء قدير، وبالإجابة وبالإحسان جدير".
ومن شعر فخر الدين ابن الخطيب: أنشدني بديع الدين البندهي مما سمعه من الشيخ فخر الدين ابن خطيب الري لنفسه، فمن ذلك قال:[الطويل]
نهاية إقدام العقول عقال ... وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في غفلة من جسومنا ... وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه: قيل وقالوا
وكم قد رأينا من رجال ودولة ... فبادوا جميعا مسرعين وزالوا
وكم من جبال قد علت شرفاتها ... فزالوا جميعا والجبال جبال «٢»