وعن مسائل كثيرة، ومع هذا فلا يقطع الكتابة ولا الإملاء. وقال لي: ترجع إلى دمشق، وتجري عليك الجرايات. فقلت: أريد مصر. فقال: السلطان مشغول القلب بأخذ الفرنج عكا، وقتل المسلمين بها. فقلت: لا بدلي من مصر.
فكتب لي ورقة صغيرة إلى وكيله بها. فلما دخلت القاهرة، جاء وكيله «٢» ، وكان شيخا جليل القدر، نافذ الأمر، فأنزلني دارا قد أزيحت عللها، وجاءني بدنانير، وغلة. ثم مضى إلى أرباب الدولة، وقال: هذا ضيف القاضي الفاضل، فدرّت الهدايا والصّلات «٣» من كل جانب. وكان كل عشرة أيام أو نحوها تصل تذكرة القاضي إلى ديوان مصر بمهمات الدولة، وفيها فصل يؤكد الوصية في حقي. فأقمت بمسجد الحاجب لؤلؤ «٤» أقرئ الناس.
وكان قصدي في مصر ثلاث أنفس: ياسين السيميائي، والرئيس موسى بن ميمون اليهودي «٥» ، وأبو القاسم الشارعي، وكلهم جاؤوني.