وكان سيرتي في هذه المدة أنني أقرئ الناس في الجامع الأزهر إلى نحو الساعة الرابعة، ووسط النهار يأتي من يقرأ الطب وغيره، وآخر النهار أرجع إلى الجامع، فيقرأ قوم آخرون. وفي الليل أشتغل مع نفسي، ولم أزل على ذلك إلى أن توفي الملك العزيز، وكان شابا كريما، شجاعا، كثير الحياء، لا يحسن قول:" لا"، وكان مع حداثة سنه وشرة شبابه كامل العفة عن الأموال والفروج «٢» .
أقول «٣» :" ثم إن الشيخ موفق الدين أقام بالقاهرة بعد ذلك بمدة، وله الراتب والجرايات من أولاد الملك الناصر.
وأتى إلى مصر ذلك الغلاء العظيم، والموتان «٤» الذي لم يشاهد مثله. وألّف الشيخ موفق الدين في ذلك كتابا ذكر فيه أشياء شاهدها أو سمعها ممن عاينها، تذهل العقل، وسمّى ذلك الكتاب:" كتاب الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر".