للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها إلى حلب".

أقول:" وأقام الشيخ موفق الدين بحلب والناس يشتغلون عليه، وكثرت تصانيفه، وكان له من شهاب الدين طغريل الخادم أتابك حلب جار حسن، وهو متخلّ لتدريس صناعة الطب، ويتردد إلى الجامع يسمع الحديث، ويقرئ العربية، وكان دائم الاشتغال ملازما للكتابة والتصنيف.

ولما أقام بحلب، قصدت أن أتوجّه إليه، وأجتمع به، فلم يتفق ذلك، وكانت كتبه أبدا تصل إلينا ومراسلاته، وبعث إليّ بأشياء من تصانيفه بخطه.

وهذا نسخة كتاب كتبته إليه لما كان بمدينة حلب:

" المملوك يواصل بدعائه وثنائه، وشكره وانتمائه إلى عبودية المجلس السامي، المولوي، السيّدي السندي، الأجلّيّ الكبيري، العالمي الفاضلي، موفق الدين، سيد العلماء في الغائبين والحاضرين، جامع العلوم المتفرقة في العالمين، ولي أمير المؤمنين، أوضح الله به سبل الهدى والهداية، وأنار ببقائه طرق الدراية، وحقق بحقائق ألفاظه صحيح الولاية، ولا زالت سعادته دائمة البقاء، وسيادته سامية الارتقاء، وتصانيفه في الآفاق قدوة العلماء، وعمدة سائر الأدباء والحكماء.

المملوك يجدد الخدمة، ويهدي من السلام أطيبه، ومن الشكر والثناء أعذبه، وينهي ما يكابده من أليم التطلّع إلى مشاهدة أنوار شمسه المنيرة، وما يعانيه من الارتياح إلى ملاحظة شريف حضرته الأثيرة، وما تزايد القلق وتعاظم عند سماعه قرب المزار من الأرق: [الوافر]

وأبرح ما يكون الشوق يوما ... إذا دنت الديار من الديار «١»

ولولا أمل قفول الركاب العالي، ووصول الجناب الموفّقيّ الجلاليّ، لسارع

<<  <  ج: ص:  >  >>