وإذا تصدّيت لتعلّم علم، أو للمناظرة فيه، فلا تمزج به غيره من العلوم، فإن كل علم مكتف بنفسه، مستغن عن غيره، فإن استعانتك في علم بعلم عجز عن استيفاء أقسامه، كمن يستعين [في لغة] بلغة أخرى إذا ضاقت عليه، أو جهل بعضها".
وقال:" وينبغي للإنسان أن يقرأ التواريخ، وأن يطّلع على السير، وتجارب الأمم، فيصير بذلك كأنه في عمره القصير قد أدرك الأمم الخالية، وعاصرهم، وعاشرهم، وعرف خيرهم وشرّهم".
وقال:" وينبغي أن تكون سيرتك سيرة الصدر الأول، فاقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وتتبّع أحواله، وأفعاله، واقتف آثاره ما أمكنك، وبقدر طاقتك. وإذا وقفت على سيرته في مطعمه، ومشربه، ومنامه، ويقظته، وتمرّضه، [وتطبّبه، وتمتّعه وتطيّبه]«١» ، ومعاملته مع ربه، ومع أزواجه، وأصحابه، وأفعاله مع أعدائه، وفعلت اليسير من ذلك فأنت السعيد كل السعيد".
قال:" وينبغي أن تكثر اتّهامك لنفسك، ولا تحسن الظن بها، وتعرض خواطرك على العلماء، وعلى تصانيفهم، وتثبّت ولا تعجل، ولا تعجب «٢» ، فمع العجب العثار، ومع الاستبداد الزلل، ومن [لم يعرق جبينه إلى أبواب العلماء لم يعرق في الفضيلة] ، ومن لم يخجلوه لم يبجله الناس، ومن لم يبكّتوه «٣» لم يسد، ومن لم يحتمل ألم التعلم لم يذق لذة العلم، ومن لم