وجادت له السحب الرواء دفاقا، فطنّبت شمسه على السماء رواقا، وتطلّبت فواضله للنفاق أشواقا، ثم حلّ لدن المعظم شرف الدين عيسى فحل بيت شرفه، وحلّ مكانا في مقاعد غرفه، ثم لم يتحوّل من أفقه، ولا أضاء له ضوء نهار إلا بين أصيله وشفقه.
قال ابن أبي أصيبعة:" كان أوحد زمانه في العلوم الحكمية، وعلّامة وقته في الأمور الشرعية. عارفا بأصول الطب وغيره، حسن الصورة، كريم النفس، كثير الحياء، محبّا لفعل الخير، ملازما للصلاة والصيام، وقراءة القرآن.
اتصل بالملك المعظّم عيسى «١» ، فعرف فضله، وقرّر له الراتب، وقرأ عليه الطلبة، وانتفعوا به، وكان حسن العبارة، قويّ البراعة، فصيح اللسان، بليغ البيان، وافر المروءة، ظاهر الفتوة. أخذ عن القطب المصري «٢» ، وأخذ المصري عن الإمام الرازي. ثم ولّاه المعظّم قضاء الشام. وكان عظيم التواضع، لطيف الكلام، يمشي إلى الجامع الأموي لأداء فرائض الصلوات في أوقاتها، ولم يزل على هذا حتى توفي في سنّ الشباب «٣» ، في سابع شعبان سنة تسع وثلاثين وستمائة.