قال ابن أبي أصيبعة «١» :" كان من الأكابر في الحكمة وأصول الدين، والفقه، والعلم الطبيعي، والطب. وكان فقيها بالعذراوية «٢» ، يشتغل بها.
ثم ولي القضاء ببعلبك، وأقام بها مدة، وكان صديقا لأمين الدولة وزير الصالح إسماعيل، فلما ملك الصالح دمشق وتوفي قاضيها شمس الدين الخويي، ولي عوضه، وارتفعت منزلته [وأثرى] ، ووقع بينه وبين أمين الدولة، وكثر تظلّم الناس منه، وشكواهم من سوء سيرته، فانتهى إلى أن قبض عليه، وقتل. وبعث إلى هوّة عظيمة قريب بعلبك، لا يعرف لها قرار، تعرف بمغارة الدم، فكتّف ودفع فيها.
وقال بعض الذين كانوا معه: إنه لما دفع في تلك الهوّة تحطّم في نزوله، وكأنه تعلّق في بعض جوانبها. قال: فبقينا نسمع أنينه نحو ثلاثة أيام، وكلما مر يضعف ويخفى حتى تحققنا موته، ورجعنا عنه".
قلت: وقد حكى الثقات أنه كان يفتعل الحجة بشهود زور كان أعدّهم على الرجل ذي الجدة «٣» واليسار، ويكتبها لمن يطلب الرجل إلى مجلسه، ويدّعي بالمبلغ عليه، فإذا أنكر أقام تلك البينة عليه، ثم يلزمه بالمال، فإذا قبض كان للسلطان النصف، وله ولأمين الدولة، وللشهود والمدعي النصف!. وجرى على هذا مدة، ثم كان لا ينصف أمين الدولة، ففسد ما بينهما وقالوا: إنه لما كثر فعل