قال ابن أبي أصيبعة «١» :" كان أوحدا في العلوم الحكمية، جامعا للفنون الفلسفية، بارعا في الأصول الفقهية، مفرط الذكاء، جيد الفطرة، فصيح العبارة، لم يناظر أحدا إلا بزّه، ولم يباحث محصّلا إلا أربى عليه. وكان علمه أكثر من عقله.
حدّثني الشيخ سديد الدين محمود بن عمر «٢» قال: كان شهاب الدين السهرورديّ قد أتى إلى شيخنا فخر الدين المارديني، وكان [يتردد إليه في أوقات وبينهما صداقة، وكان الشيخ فخر الدين]«٣» يقول لنا: ما أذكى هذا الشاب وأفصحه!، ولم أجد أحدا مثله في زماني، إلا أني أخشى عليه لكثرة تهوّره واشتهاره، وقلّة تحفّظه أن يكون ذلك سببا لتلافه.
قال: فلما فارقنا «٤» شهاب الدين السهروردي من الشرق، وتوجّه إلى الشام، وأتى إلى حلب، وناظر فيها الفقهاء، ولم يجاره أحد فكثر تشنيعهم عليه، فاستحضره السلطان الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن أيوب، واستحضر الأكابر من المدرّسين والفقهاء والمتكلّمين، ليسمع ما يجري بينهم وبينه من المباحث والكلام، فتكلّم معهم بكلام كثير، وبان له فضل عظيم، وعلم باهر، وحسن موقعه عند الملك الظاهر، وقرّبه، وصار مكينا عنده،