للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مختصا به، فازداد تشنيع أولئك عليه، وعملوا محاضر بكفره، وأرسلوها إلى دمشق، إلى الملك الناصر صلاح الدين، وقالوا: إن بقي هذا فإنه يفسد اعتقاد الملك الظاهر!، وكذلك إن أطلق، فهو يفسد كل ناحية كان فيها من البلاد، وزادوا عليه أشياء كثيرة من ذلك. فبعث صلاح الدين إلى ولده الملك الظاهر بحلب كتابا في حقه، بخط القاضي الفاضل، وهو يقول فيه: إن الشهاب السهروردي لا بدّ من قتله، ولا سبيل أنه يطلق، ولا يبقى بوجه من الوجوه.

ولما بلغ شهاب الدين السهروردي ذلك وأيقن أنه يقتل، وليس له جهة إلى الإفراج عنه، اختار أن يترك «١» في مكان مفرد، ويمنع من الطعام والشراب إلى أن يلقى الله تعالى. ففعل به ذلك، وكان في أواخر سنة ست وثمانين وخمسمائة، بقلعة حلب، وكان عمره نحو ست وثلاثين.

قال الشيخ سديد محمود بن عمر: لما بلغ شيخنا فخر الدين المارديني قتله قال لنا: أليس كنت قلت لكم عنه هذا من قبل؟، وكنت أخشى عليه منه.

أقول «٢» : ويحكى عن شهاب الدين السهروردي أنه كان يعرف علم السيمياء، وله فيه نوادر شوهدت عنه من هذا الفن. ومن ذلك: حدّثني الحكيم إبراهيم بن أبي الفضل بن صدقة أنه اجتمع به، وشاهد عنه ظاهر باب الفرج، وهم يتمشون إلى ناحية الميدان الكبير، ومعه جماعة من التلاميذ وغيرهم، وجرى ذكر هذا الفن وبدائعه، وما يعرف الشيخ منه. وهو يسمع، فمشى قليلا وقال: ما أحسن دمشق وهذه المواضع!.

قال: فنظرنا وإذا من جهة الشرق جواسق «٣» عالية متدانية بعضها من بعض،

<<  <  ج: ص:  >  >>