أجر مولانا، ويرحم ميته، ويحسن عزاء الإسلام فيمن شيد بجهاده بناءه وثبّته، فلقد كان- والله- من حماة الدين بسيفه وقلمه، وكماة الكلام في المدارس والمنابر بعلمه وعلمه، فرحم الله تلك المزايا الكرام، وفتح لها أبواب الجنة، وأدخلها إليها بسلام، والعزاء مشترك، ومن نظر بعين الحقيقة علم أن الدّهر أخذ أقلّ مما ترك.
وتوفي في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين «١» ، عن أربع وسبعين سنة.
قلت: ولما ولي كراي المنصوري «٢» كفالة الشام، أتاها وقد هبّت به ريح العدو المتنسّم، والثغور قد استطار برعب من جاورها قلب بارقها المتبسّم، طلب خيل الحجر التي جرت العادة بطلبها معونة من البلاد إذا قدم العدو، وعدم الهدوّ، ولم يكن الاضطرار قد بلغ إلى حد تطلب فيه المعونة، وتحمل به إلى البلاد المؤونة، وشرع النجم ابن هلال في توزيع ذلك الطلب، وتفريع ذلك الظلم الذي باء منه بسوء المنقلب، فطلب من جهات الملك والوقف ما كاد يكون لها ثمنا، واتّخذها له مأكلة حتى كاد يتفقّأ «٣» سمنا، وكان أخا بطنة، يأكل حتى يكاد يتبعّج، وجرأة لا يبالي من أي باب منه على النار يتولّج.
فاجتمع أهل البلد إلى جلال الدين لأنه إمامهم المتّبع، ورأس المصلّين في