جلا الدجى، وأنهج طرق الحجى، وامتدّت نحوه أيادي الخلفا، واعتدّت له بحسن الوفا، وثنت العلياء له الوسائد، وأخدمته الأيام والليالي ولائد.
قال ابن أبي أصيبعة «١»
فيه:" هو الإمام، الوزير، الحكيم، الأديب، الحسيب، الأصيل.
مولده بمدينة إشبيلية، ونشأ بها، وتميّز في العلوم، وأخذ [صناعة] الطب عن أبيه، وباشر أعمالها، وكبر، ولم يتغير عليه سوى ثقل السمع.
حفظ القرآن الكريم، وسمع الحديث الشريف، واشتغل بالأدب، وأتقن اللغة، وقال الشعر وأجاد في الموشحات، وكان متين الدين، ملازما للأمور الشرعية، قويّ النفس، له جرأة في الكلام، ولم يكن في زمانه أعلم منه بالطب.
لازم عبد الملك الباجي سبع سنين يشتغل عليه، وقرأ" المدونة" لسحنون «٢» في مذهب مالك، ومسند ابن أبي شيبة، و [حدثني أيضا القاضي أبو مروان الباجي عن أبي بكر بن زهر أنه كان شديد البأس]«٣» يجذب قوسا وزنه مائة وخمسون رطلا بالإشبيلي، ورطلها مائة وستون درهما. وكان جيد اللعب بالشطرنج.