وخدم الملثمين، والموحّدين «١» ، وبقي إلى أيام عبد الله الناصر بن المنصور يعقوب «٢» ، ومات بمراكش «٣» .
وحكي أنه كان له صديق يلاعبه الشطرنج، فرآه يوما منقبضا؛ فسأله عما به، فأخبره أن له بنتا زوّجها من رجل، وأنه يحتاج في جهازها إلى ثلاث مائة دينار.
فقال له: العب، وما عليك، فإن عندي ثلاثمائة دينار إلا خمسة، واستدعى بها «٤» فأعطاها له، فلما كان غير بعيد أتاه الرجل بالذهب، فقال له الحفيد ابن زهر: ما هذا؟. قال: بعت زيتونا لي بسبعمائة دينار، وقد أتيتك منها بثلاثمائة إلا خمسة، عوض ما أقرضتني. وقد بقيت عندي البقية. فقال الحفيد: خذه إليك فإني ما أعطيتكه على أني أعود فيه.
فقال له الرجل: لا تفعل فإنني في سعة. وترادّا «٥» . فقال له ابن زهر: أنت عدوّي أو صديقي؟. قال: بل صديقك، وأحب الناس فيك. فقال: إن الصديقين مالهما واحد، فخذه، فإن لم تفعل عاديتك بسببه. فأخذه وشكر له.
قال القاضي أبو مروان الباجي: وكان المنصور قد قصد أن لا يترك شيئا من كتب المنطق والحكمة باقيا في بلاده، وأباد كثيرا منها بإحراقها بالنار، وشدّد في أن لا يرجع أحد يشتغل بشيء منها، وأنه متى وجد أحدا ينظر في هذا العلم،