للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكرم خلائقه وبعده من تقلّد دم حرام لا سيما دم مثله. وقد كنت أقول له ليرجع عن سوء رأيه فيه وأوهامه فلا يرجع، ولا يفيد القول، ثم تزوج في آخر عمره بأخت جمال الدين على عدم حاجته بالنساء- كما يقال-، وأظهر الصفاء وباطنه على كدره. وأعتقد أنه لم يزل على هذا إلى انتهاء عمره.

قلت: وحكي لي أنه جلس يوما على حانوت العطار الذي كان يجلس عنده، وطلب منه شرابا يشربه، فناوله شرابا مسموما. قال: فلما شربته أحسست بالسم، وبدت فيّ علاماته، فأسرعت القيام إلى داري، وأخذت خرزة بازهر «١» حيواني كانت عندي، وسحلتها، ثم أذبت السحالة بماء ورد على مسنّ ثم لعقتها، فزالت تلك الأعراض لوقتها، ولم يمض بياض ذلك النهار حتى أكلت طعامي، ولم يعيّن من دسّ ذلك عليه، وما أراد- والله أعلم- إلا جمال الدين ابن المغربي. وقد تقدم القول في بعد جمال الدين من ذلك.

قلت: وقد كان ابن البرهان دخل اليمن، واتصل بصاحبها الملك المؤيد داود- رحمه الله- وخدمه مدة، وحصّل من جهته مالا طائلا، كان منه أصل نعمته، ورأس ماليته، ثم فارقه وعاد إلى مصر، وكانت كتبه لا تنقطع عنه، وصلاته تصل إليه، وكان يعرض الكتب التي ترد عليه على السلطان فيأمره بقضاء حوائجه، وكانت الكتب تتضمن طلب كتب طبية، وعقاقير مصرية ومغربية، مما يجل السلطان عن طلب ذلك منه، ويجهّز إلى ابن البرهان ذهبا لمشتراه، فكان يتولى ذلك ويقوم في هذه الخدمة بنفسه.

قلت: ولقد قرأت كتابا منها كله بالخط المؤيدي، ومضمونه بعد البسملة:

<<  <  ج: ص:  >  >>