الحروب التي ضعضعت الجبال، وأنتجت الحرب الحيال، ولهم مع الأرمن وبلاد التكفور [١] وقائع لا يجحدها إلا الكفور، تتخطفهم عقبانه القشاعم، وتلتهم أسوده الضراغم.
ببلادهم معدن حديد، لهم به بأس شديد، ومنه درق مديد، وهم أهل بيت ألقى الله عليهم محبة منه، وإذا شاء أميرهم جمع أربعين ألفا، وهو ما هو عليه، يدارى ملوك التتار، وهواه هو ومن سلف من أهل بيته مع ملوك مصر، لا تغب المكاتبات بينهم، ولا ينقطع بذل خدمته لهم، وإقبالهم عليه، واعتدادهم بموالاة، وقد كان منهم من قد طلب تقليدا بمصر بإتيائه ما بيده من بلاد الروم، فكتب له، ثم أن سلامش الحاكم بالروم كان انحرف عن سلاطين بيت هولاكو، وكتب إلى الأبواب السلطانية بمصر يسأل تقليدا بملك حكم الروم أجمعه، وأن تكون أولاد قرمان ومن سواهم في طوعه، فكتب من إنشاء شيخنا أبي الثناء محمود بن سلمان بن فهد الحلبي الكاتب رحمه الله، ومنه وبعد فإن أولى من أصغت عزائمنا الشريفة إلى نداء إخلاصه، وأجابت مكارمنا العميمة دعاء تميزه بالولاء واختصاصه، وقابلت مراسمنا استنصاره في الدين بالنفير لإعانته على ما ظفر باقتلاعه من يد الكفر، واقتناصه (تكرار من أول وقابلت إلى اقتناصه) وتكفلت له مهابتنا بالأمن على ملك مذ وسمه باسمه الشريف، يئس العدو من استخلاصه، وأتت كتبه (المخطوط ص ١٥٩) في الاستنجاد ليرعان الكتائب، ولمعان القواضب، وتتابع إمداد جيوشا التي ستنوء بحملها كواهل المشارق والمغارب، وتدفق أمواج عسكرنا الذي ينشد طلائعها ملوك العدى أين المفر؟ ولا مفر لهارب وتألق بروق النصر، من خفق ألويتنا، الشاهدة بأن قبيلنا إذا ما التقى الجمعان أول غالب، وفوضت إليه مراسمنا الحكم بالعدل والإحسان، وقلدته أوامرنا من عقود النظر في تلك الممالك ما تود جباه الملوك لو حلت بدره معاقد التيجان، وعقدت به من الأوامر ما تنفذ بنا
[١] وهو تكفور بن السلطان جرجيس (رحلة ابن بطوطة ٢٣٢) .