للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مواقعه، وكذا الأمور المعتبرة ما تنفذ إلا بسلطان من ألقى الله الإيمان في قلبه وهداه إلى دين الإسلام، فأصبح على بينة من ربه، وأراد به خيرا فنقله من حزب الشيطان إلى حزبه، وأيقظه من طاعتنا التي أوجبها على الأمم لما أبصر به رشده، ورأى قصده، وعلم به أن الذي كان فيه كسراب بقيعه [١] ولم يجده شيئا، وأن الذي انتقل إليه، وجد الله عنده وأنهته من موالاتنا بما حتم به النهوض على من كان مسلما وأخرجه بنور الهدى من عداء أعدائه الذين تركهم خوفنا، كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما، وأراه الرشد ما علم به أن الله تعالى أورثنا ملك الإسلام، فبطاعتنا يتم الانتماء إليه، وأعطانا مقاليد البسيطة، فمن اغتصبت منها شيئا [٢] ، انتزعه الله بجنوده المسومة من يديه فلجأ من أبوابنا العالية إلى الظل الذي يلجأ إليه كل ذي منير وسرير، ورجاء من كرمنا الاعتصام بجيوشنا التي مارمينا بها عدوا إلا ظن أن الرمال تسيل (والجبال تسير [٣] ) وتخير منا إلى فئة الإسلام، وانتصر بسيوفنا التي هي تعلم كيف يسلمها على الأحلام، ومتّ إلينا بذمة الإسلام، وهي أبر الذمم، وطلب تقليده الحكم منا من معادنه إذا رأته النظرات الصادقة أن كان يسحب الشحم فيمن تحمه ورم، وعقد بنا رجاؤه، وهل لمسلم من ملك الإسلام من معدل (المخطوط ص ١٦٠) وأنزل بنا كتائب آماله، وهل تعد راحة لرام من منزل فتلفت نغمها كرائم قصده بالترحيب، وأحلت وفادة انتمائه بحرمنا الذي شاءه بعيد ونصره قريب، وتسارعت إلى نصرته جنودنا التي هي مشهورة في عددها، وآثارها، مشكورة في رواحها وغدوها، وأعلامها منصورة في انتزاحها ودنوها، وتوالت تبايع بعضها بعضا، تتابع الغمام المتراكم، والموج المتلاطم، وتقدم غلبه بالنصر القريب من الأمد البعيد، وتعلم بوادرها أن طلائعها عنده، وبانيها


[١] إشارة إلى قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ
[النور، الآية: ٣٩] .
[٢] ترد بالمخطوط شياءا.
[٣] ما ورد بين القوسين جاء بالهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>