للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله تجمّل في بيته وملبسه، ومركوبه من الخيل المسوّمة، والبزّة الفاخرة، ثم إنه اقتصر وترك الخيل، وآلى على نفسه أن لا يطبّ أحدا إلا ببيته، أو في المارستان، أو في الطريق، وهو غاية «١» في معرفة الأصناف من الجواهر، والقماش، والآلات، والعقاقير، والحيوانات، وما يحتاج إليه البيمارستان [المنصوري بالقاهرة] «٢» ، ولا يشترى، ولا يدخل إليه إلا بعد عرضه عليه، فإن أجازه اشتراه الناظر، وإن لم يجزه لم يشتر البتة، وهذا اطّلاع كثير وخبرة تامّة، لأن البيمارستان يريد كل ما في الوجود مما يدخل في الطب، والكحل، والجراح، وغير ذلك.

وأما معرفة الرقيق من المماليك والجواري: فإليه المآل «٣» في ذلك، ورأيت المولعين بالصنعة يحضرون إليه ويذكرون له ما وقع لهم من الخلل في أثناء أعمالهم، فيرشدهم إلى الصواب، ويدلهم على إصلاح ذلك الفساد. ولم أره يعوز «٤» شيئا من كمال الأدوات، غير أن عربيّته كانت ضعيفة، وخطّه أضعف من مرضى مارستانه، ومع ذلك فله كلام حسن، ومعرفة [جيدة] بأصول الخط المنسوب، والكلام على ذلك، انتهى ما ذكره أبو الصفاء" «٥» .

قلت: هذا رجل اجتمع بي، وتردّد إليّ غير مرة، وجاريته الحديث كرّة على كرّه، وهو كما ذكره، من الحديث الممتع، والكلام المطمع، وقرأت عليه:

[..] «٦» ولقد كنت ألتقط من أثناء كلامه ثمرات الحكم، وأستدلّ له بمجاراته على

<<  <  ج: ص:  >  >>