للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعة الاطلاع، ووفور مدد. ورأيت له في هذا ما لم أر لأحد.

وكان يستجهل الأطباء، ويستبعد طرق معالجاتهم، ويستبشع كريه وصفاتهم، ويقول: أنا أعالج المرضى بما لا يستكره، كهذه الأدوية الكريهة التي يصفها الأطباء، وأعطي القدر اليسير مما يستطاب، فيقوم مقام الكثير مما يعطونه مما لا يستطاب، ويكون ما أعطيه من نوع الغذاء وهو يقوم مقام الدواء.

وحكى لي القاضي ضياء الدين يوسف بن الخطيب أنه احتاج إلى استفراغ «١» ؛ فعرض ما به على الأطباء واستوصفهم «٢» ، فقالوا: هذا يحتاج إلى خمسة أيام تتقدّم قبل استعمال دواء. وشرعوا في وصف دواء يشتمل على عقاقير كثيرة كريهة، فلم أجد لي قابلية على ما قالوه. فقلت لابن الأكفاني، فقال: ما يحصل القصد، ثم أتاني ببرنية «٣» فيها شراب حماض، وقال: كلما أردت قيام مجلس العق من هذا الشراب لعقة. قال: فلعقت منه تسع لعقات، فقمت تسعة مجالس، وزال ما كنت أشكوه، ثم كنت في كل حين ألعق من ذلك الشراب، وكلما لعقت لعقة قمت مجالسا لا يخالف عدد القيام عدد اللعقات، ولم يخرم معي هذا.

وحكى لي الصدر مجد الدين السلامي نحو ذلك، ومع هذا كله، وما لا يجحد من فضله لا يقول أطباء مصر إلا أنه طرقيّ لا طبيب!، وأيّ حسن ما له من يعيب؟!.

كضرائر الحسناء قلن لوجهها ... حسدا وبغضا إنه لذميم «٤»

<<  <  ج: ص:  >  >>