للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- بزعمه-، ولم يعلم- بشقاوته- أن النبوة أعظم؛ والسعادة أقدر؛ والعناية الإلهية أجلّ؛ والأمور المقدرة أثبت. وإنما النضر اعتقد أن بمعلوماته وفضائله وحكمته يقاوم النبوة، وأين الثرى من الثريا، والحضيض من الأوج، والشقي من السعيد!. وما أحسن ما وجدت حكاية ذكرها أفلاطون في كتاب النواميس، في أن النبي وما يأتي به لا يصل إليه الحكيم بحكمته، ولا العالم بعلمه".

قال أفلاطون:" وقد كان مارينوس ملك اليونانيين الذي يذكره أوميرس الشاعر باسمه وجبروته، وما تهيّأ لليونانيين في سلطانه، رمي بشدائد في زمانه، وخوارج في سلطانه، ففزع إلى فلاسفة عصره، فتأملوا مصادر أموره ومواردها، وقالوا له: قد تأمّلنا أمرك فلم نجد فيه من جهتك شيئا يدعو إلى ما لحقك، وإنما يعلم الفيلسوف الإفراطات وسوء النظام الواقعين في الجزء. فأما ما خرج عنه فليس تبحث عنه الفلسفة، وإنما يوقف عليه من جهة النبوة، وأشاروا عليه أن يطلب نبيّ عصره ليجتمع معهم مع علمهم ما ينبئ به، وقالوا: إنه لا يسكن في البلدان العامرة، وإنما يكون في الأقاصي المقفرة، بين فقراء ذلك العصر. فسألهم ما يجب أن يكون عليه رسله إليه. وما يكون دليلا لهم عليه؟. فقالوا: اجعل رسلك إليه من لانت سجيته، وظهرت قناعته، وصدقت لهجته، وكان رجوعه إلى الحق أحبّ إليه من الظفر به، فإن بين من استولى عليه هذا الوصف وبينه وصلة تدلهم عليه.

أقول: ولما كان يوم بدر والتقى المسلمون ومشركو قريش، وكان عدّتهم ما بين التسعمائة والألف، والمسلمون يومئذ ثلاثمائة وثلاثة عشر، وأيّد الله الإسلام، ونصر نبيه عليه الصلاة والسلام، ووقعت الكسرة على المشركين، وقتل من جملتهم صناديد قريش، وأسر جماعة من المشركين، فبعضهم استفكّوا «١»

<<  <  ج: ص:  >  >>