فصدا واسعا، وكان الباسليق على الشريان، فلم يحسن الحجّام تعليق العرق، فأصاب الشريان، ولم يكن عند الحجّام حيلة في قطع الدم. واستعملنا الحيلة في قطعه بالرفائد «١» ونسج العنكبوت والوبر، فلم ينقطع بذلك. فسألني والدي عن حيلة، فأعلمته أنه لا حيلة عندي، فدعا بفستقة، فشقّها وطرح ما فيها وأخذ أحد نصفي القشر فجعله على موضع الفصد، ثم أخذ حاشية من ثوب كان غليظ، فلفّ بها موضع الفصد على قشر الفستقة لفّا شديدا، حتى كان يستغيث المفتصد من شدته، ثم شدّ ذلك بعد اللف شدّا شديدا، وأمر بحمل الرجل إلى نهر بردى، وأدخل يده في الماء ووطّأ له على شاطئ النهر «٢» ونوّمه عليه، وأمر فحسي محّات «٣» بيض نمرشت «٤» ، ووكّل به تلميذا من تلامذته، وأمره بمنعه من إخراج يده من موضع الفصد من الماء إلا عند وقت الصلاة، أو يتخوّف عليه الموت من شدة البرد، فإن تخوّف ذلك أذن له في إخراج يده هنيهة «٥» ، ثم أمره بردّها.
ففعل ذلك إلى الليل، ثم أمر بحمله إلى منزله، ونهاه عن تغطية موضع الفصد، وعن حلّ الشدّ قبل استمام خمسة أيام ففعل ذلك، إلا أنه صار إليه في اليوم الثالث وقد ورم عضده وذراعه ورما شديدا، فنفّس من الشدّ شيئا يسيرا، وقال للرجل: الورح أسهل من الموت.