للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الشام إلا هم، ومع هذا ما قدر عليهم، ولولا خلا وجهه لما انصرف إلا إليهم.

ولما استفحل أمير جوبان بك [١] بمملكة إيران، وكان هو حقيقة السلطان، واستولى ابنه تمرتاش [٢] على الروم، وانتزع به عدة ممالك، وجد في طلب الباقي، رأت أولاد قرمان مصافاة أبيه جوبان، واستدفعت به شرايينه طول ذلك الزمان مع ما كان لهم من العناية الإلهية، والإعانة من سلطاننا أعز نصره، ولولا هذا لأتى عليهم، وسلبوا النفس والنفائس لما كان عند جارهم الجائر من الاستعداد، لموالاة التكفور متملك الأرمن، لرفع الشكوى عليهم في كل وقت، وتضرره مما ينوب أهل بلاده منهم، وتضرره مما ينوء به من ثقل وطأتهم، وكانوا في تلك السنين خائفين، يترقبون المصابحة والمماساة، وينتظرون البيات والمقيل.

قلت: ولأهل هذا البيت روعة في قلوب التكفور والأرمن، وفي كل بيت يبعث التكفور يسأل بروز المراسم المطاعة إلى أميرهم بالكف عن بلاده، وهو لا يتعمد سيف جهاده، لا يرعى للأرمن حق جواره، ولا يدخل في سمعه لضجيجهم جواءر، يشن عليهم في كل وقت غاراته، ويجوس خلال ديارهم جيوشه وسراياه، وكرسيه مدينة أرمناك على ذروة جبل.

أرزاقه متسعة وجيرانه كثيرة، وبينها وبين العلاية ثلاثة أيام، وقد يحكى عن أميرهم القائم الآن بدر الدين أنه افتض ألف بكر (المخطوط ص ١٦٤) .

ويوصف من كرمه أنه يطلق على كل ما يملك من صامت وناطق حتى أنه لا يدع له شيئا البتة، ثم يتحول فإذا أثرى أطلق كل ما يملكه حتى لا يدع له شيئا،


[١] كان جوبان أمير الأمراء في عهد السلطان أبي سعيد بهادر خان، وقد استولى على الأمر، وحجر على تعرفات السلطان حتى لم يكن بيده من الملك إلا الاسم، وكان ابن جوبان المسمى خواجه يفتك بحريم والد السلطان، فقتل أبو سعيد ابن الجوبان وثار جوبان وأولاده وقتل والي خوارزم جوبان وولدا له (رحلة ابن بطوطة ١٥٢- ١٥٣) .
[٢] هو دمرطاش بن جوبان وكان قد فر إلى مصر وقتل هناك (رحلة ابن بطوطة ١٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>