للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرومي، فاستقرا بها، وأقطعا إقطاعا بها، وأجرى عليهما راتبا فيها.

وإنما ذكرنا حديث سلامش في هذا المكان لتعلقه بالروم، ولأن أمراء بني قرمان هم كانوا المؤلفين بينه وبين المنصور لاجين، والداخلين معه أولا وآخرا فيه وهؤلاء أولاد قرمان هم الذين لا يرتاب في رأيهم، ولا يظن في دينهم، فمهما ورد من جهتهم تلقى بالقبول، وحمل على أحسن المحامل.

وكذلك طلب ارتنا [١] تقليدا ناصريا بنيابة الروم، وتردد في هذا سراج الدين قاضي قيسارية فكتب له، فخلص الموالاه، وأقام دعوة الخطبة الناصرية. على منابر البلاد الرومية، وضرب السكة بالاسم الشريف وجهز معه الدراهم المضروبة وذلك كله أظهر طاعة لا إذعان لحكم، ولقد حدثني من تردد إليهم، وعرف ما هم عليه، أنهم رجال صدق، وقوم صبر لا يستخف لهم حفيظة، ولا يرد بحنقها لهم صدور مغيظة، ولهذا أمراء الروم لا يطأون لهم موطئا بغيظ، ولا يواطئون لهم عدة شهور (المخطوط ١٦٣) مشتى ولا مغيظ، وما أحد ممن يحسدهم على ما أتاهم الله من فضله إلا من يستجيش عليهم بالتتار، ويعدد عليهم عظائم الذنوب الكبار، ووقاية الله تكفيهم، وحياطته عن عيون القوم تحفظهم.

ولقد كان السلطان محمود غازان يقول أنا أطلب الباغي [٢] شرقا وغربا، والباغي في ثوبي، عن أولاد قرمان، ومع هذا لم يسلط عليهم.

وحكى لي الصدر شمس الدين عبد اللطيف أخو النجيب أنه قال يوما لولا الأكراد وأولاد قرمان وتركان الروم دست بخيلي مغرب الشمس، قال: وكان لا يريد


[١] أرثنا: أمير بلاد التركمان المعروفة ببلاد الروم أيضا (رحلة ابن بطوطة ١٥٤) وبنو أرثنا كانوا بسيواس وقيصرية ونيكده وأماسية وقراصار وكمش وقد حكم علاء الدين أتنا بن جعفر سنة ٧٣٦ هـ واستقل بسيواس بعد موت أبي سعيد بهادر وخلفه غياث الدين محمد أرثنا سنة ٧٥٣ هـ (معجم الأنساب والأسرات الحاكمة ٢٣٢) .
[٢] الياغي كلمة تركية بمعنى المتمرد (فرهنگ رازي ١٠٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>