والفرّاشين «١» ، والملّاحين وغيرهم من الحاشية، لكلّ واحد جونة، وقال:" قد أمنت ذمّهم، لأنني ما كنت [آمن] لو أطعموا على موائد أن يرضى هذا، ويغضب الآخر، ويقول: شبعت، ويقول آخر: لم أشبع. فإذا أعطي كل إنسان جونة من هذه الجون، كفته.
واستشرف المتوكل على الطعام فاستعظمه جدا، وأراد النوم، فقال لبختيشوع: أريد أن تنوّمني في موضع مضيء لا ذباب فيه، وظنّ أنه يتعنّته بذلك، وقد كان بختيشوع تقدّم بأن تجعل أجاجين «٢» الدبس في سطوح الدار، ليجتمع الذباب عليه، فلم يقرب أسافل الدور ذبابة واحدة.
ثم أدخل المتوكل إلى بيت مرتفع كبير، سقفه كله بكواء فيها جامات يضيء البيت منها، وهو مخيّش مظهّر بعد الخيش بالدبيقي المصبوغ بماء الورد والصندل والكافور.
فلما اضطجع للنوم، أقبل يشم روائح في نهاية الطيب، لا يدري ما هي؟
لأنه لم ير في البيت شيئا من الروائح والفاكهة والأنوار، ولا خلف الخيش، لا طاقات ولا موضع يجعل فيه شيء من ذلك.