ثمامة فحلّت، ثم أتي بها فرمى بها في فيه، وابتلعها، فوالله ما وصلت إلى جوفه حتى سمعت منه أصواتا لم أشك في أني لم أبلغ باب داره إلا وقد مات!.
فنهضت ومتطبّبي معي، وما أعقل غما. وأمرت خادما لي يكون يحمل معي الاسطرلاب إذا ركبت بالمقام في داره، وتعرّف خبر ما كان يكون منه، فتخلّف. فوافاني كتاب الخادم بعد الزوال يعلمني أنه قام بعد طلوع الشمس إلى زوالها خمسين مرة.
فقلت: تلفت والله نفس ثمامة. ثم وافى كتاب الخادم بعد غروب الشمس أنه قام منذ زوال الشمس إلى غروبها عشرين مجلسا. ثم صار إليّ الغلام مع طلوع الشمس فذكر أنه لم يكن منه منذ غروب الشمس إلى انتصاف الليل إلا ثلاثة مجالس!، ولم يكن منه إلى وقت طلوع الفجر شيء.
فركبت إليه بعد أن صليت الغداة، فوجدته نائما، وكان لا ينام، فانتبه لي، وسألته عن خبره؟.
فأخبرني أنه لم يزل في وجع من جوفه مانع له من النوم والقرار منذ أكثر من أربعين ليلة، حتى أخذ تلك الشربة، فلما انقطع فعل الشربة انقطع عنه ذلك الوجع، وأنه لم يشته طعاما منذ ذلك الوقت، وأنه ما يصبر في وقته من غلبة الجوع عليه، وسأل الإذن في الأكل. فأذن له يزيد في أكل" اسفيذاج"«١» قد طبخ في فروج كسكري سمين، ثم إتباعها" زيرباجة"«٢» ، ففعل ذلك.