وصرت إلى الرشيد فأخبرته بما كان من أمر ثمامة!. فأحضر المتطبّب، وقال له: ويحك! كيف أقدمت على إسقائه حب الاصطمخيقون؟.
فقال: يا أمير المؤمنين! هذا رجل كان في جوفه [كيموس «١» فاسد، فلم يكن يدخل في جوفه] «٢» دواء ولا غذاء إلا أفسده الكيموس، وكان كلما فسد من تلك الأدوية والأغذية صار مادة لذلك الفساد، فكانت العلة لهذا السبب تزداد. فعلمت أنه لا علاج له إلا بدواء قوي على فعل الكيموس. وكانت أقوى الأشياء التي يمكن أن يسقاها:" الاصطمخيقون". فقلت له فيه الذي قلت، ولم أقدم أيضا على القول إنه يبرئه لا محالة. وإنما قلت: بقي شيء واحد، فإن هو لم ينفعه فلا علاج له. وإنما قلت ذلك لأني رأيت الرجل عليلا قد أضعفته العلة، وأذهبت أكثر قواه، فلم آمن عليه التلف إن شربه، وكنت أرجو له العافية بشربه إياه، وكنت أعلم أنه إن لم يشربه أيضا تلف.
فاستحسن الرشيد ما كان من قوله، ووصله بعشرة آلاف درهم، ثم عاد الرشيد ثمامة، وقال: لقد أقدمت من شرب ذلك الدواء على أمر عظيم، وخاصة إذا كان المتطبّب لم يصرّح لك بأن في شربه العافية.
فقال ثمامة: يا أمير المؤمنين! كنت قد يئست من نفسي، وسمعت المتطبّب يقول: إن شربت هذا الدواء رجوت أن ينفعه، فاخترت المقام على الرجاء ولو لحظة على اليأس من الحياة، فشربته، وكان في ذلك خيرة من الله عظيمة «٣» .