إنفاقه، وكان له هجو يجرّع المهجوّ سمّ الأساود «١» ، وسقما كلما قيل برأ منه يعاود.
هذا إلى ملح أظرف من غرائب البحار، وألطف من النسيم، إذا عبث بأعطاف الأشجار.
قال ابن أبي أصيبعة «٢» :" كان يعاني صناعة الطب، ويباشر أعمالها، ويعدّ من الموصوفين فيها، إلا أن الشعر غلب عليه، وكان كثير النوادر وبينه وبين الحيص بيص «٣» شنآن وتهاتر، وكانا قد يصطلحان وقتا، ثم يعودان إلى ما كانا عليه، وهو الذي ألصق بالحيص بيص هذا اللقب، وذلك لأن السلطان السلجوقي لما قصد بغداد في أيام المقتفي، وهمّ عسكرها بالخروج إليه، وكان الناس من ذلك في حديث كثير وحركة زائدة، فقال: مالي أرى الناس في حيص بيص؟.
فألصق به هذا اللقب.
قلت: كان الحيص بيص على ما هو منه معروف؛ فخرج يتمشّى ليلا حيث لا يقدم إلا الأبطال، ولا يمشي إلا من قصر عنده باع الخوف وطال، فمرّ بكلبة