ابن شيخ الشيوخ والصاحب ابن مطروح «١» على مكيدة عملت، وهو أنهما طلبا أمين الدولة، فلما أتى قاما له، وقالا له: إن أردت الإقامة بدمشق فابق على حالك، وإن أردت أن تلحق صاحبك فتقيم عنده فافعل. فقال: لا والله بل ألحق مخدومي، وأكون عنده. ثم إنه خرج بجميع أمواله وذخائره، وأحواله، وخواصّه، وجميع ما يملكه حتى أثاث بيته، وحصر دوره. فلما صار ظاهر دمشق بما معه قبض عليه وأخذ جميع ما كان قد جمعه، وأحيط على أملاكه، واعتقل، ثم حمل إلى القاهرة، فأودع السجن بقلعة الجبل مع جماعة أخر من الحاشية العمادية، فلما أتى الملك الناصر يوسف ابن العزيز من حلب إلى دمشق، وملكها، صار معه الصالح إسماعيل وسائر ملوك الشام، ثم توجه يريد مصر، فخرجت إليه عساكر المعز أيبك، وكان قد ملك بعد مولاه الصالح أيوب، فلما التقوا كانت الكسرة أولا على العسكر المصري، ثم دارت الدائرة لهم على العسكر الشامي، وقبض الصالح إسماعيل، وجماعة من الملوك والأمراء، وحبسوا بمصر، ثم أطلق بعضهم. وأما الصالح إسماعيل فكان آخر العهد به.
وحكي أن أمين الدولة لما سمع بما كان من ظهور العسكر الشامي على المصريين، على ما كان أولا وعد المتحدث في القلعة عند طلوع الملوك بمواعيد أطمعته، فأخرج من كان عنده وكانوا ثلاثة: أمين الدولة، وناصر الدين ابن يغمور، وأمير كردي «٢» ، فقال الكردي: يا قوم، لا تستعجلوا واقعدوا مكانكم، فإن كان الأمر صحيحا، فأستاذنا يخرجنا، ويحسن إلينا، وإن كان غير صحيح، فقعودنا أصلح لنا.
فلم يلتفت أمين الدولة وابن يغمور إليه، وخرجوا، وتأخر هو، وقعد الوزير