أنها مرعوبة، وأمسكت فؤادها وبقيت ترتعد وتتباكى. فانتبه السلطان وقال لها:
مالك؟ وكان يحبها حبا كثيرا، ثم جعل يرشّ عليها من ماء الورد وقال لها: ما الذي بك؟ فقالت: رأيت مناما عظيما هالني، وكدت أموت منه، وهو أنني رأيت كأن القيامة قد قامت في بهو عظيم، وبها خلق عظيم، ونيران كثيرة تشعل، وناس يقولون: هذه للملك العادل لكونه ظلم القاضي!!. ثم قالت:
هل فعلت قط بالقاضي شيئا؟ فما شك في قولها، وانزعج ثم قام لوقته، وطلب الخدام، وقال: امضوا إلى القاضي وطيبوا قلبه، وسلموا عليه عني وقولوا له يجعلني في حل مما تمّ له، وإن جميع ما وزنه يعود إليه، وما أطالبه بشيء. ثم لما أصبح أمر له بخلعة كاملة، وبغلة، وأعاده إلى رتبته وأعاد إليه جميع ما وزنه، واستردّ له ما باعه.
وقال: مرض العادل بالشرق مرضا صعبا، وولي علاجه الدخوار، إلى أن برئ، فلما عوفي حصل له نحو سبعة آلاف دينار، وبعث له أولاد العادل وسائر ملوك الشرق، وأكابر الأمراء الخلع والبغال بأطواق الذهب، وغير ذلك.
ومرض الكامل «١» فعالجه، فلما برأ حصل له نحو اثني عشر ألف دينار، وأربع عشرة بغلة بأطواق الذهب، وخلع كثيرة من الأطلس وغيره، وولي ذلك الوقت رئاسة الأطباء.
وخدم مرة الأشرف، وأعطاه إقطاعا جليلا، ووقف داره بدمشق بالمناخليين مدرسة على الطب، ووقف عليها عقارات له «٢» .