مادرس، وأعاد من الفضائل ما دثر، ولم يزل مجتهدا حتى اشترى أدرارا كثيرة جوار المارستان النوري، وهدمها وبناها، وأضافها إليه.
ثم خدم الصالح أيوب، وأرصد لمعالجة الحرم، وجدد له توقيعا بالرئاسة على أطباء الشام، ثم خدم من بعده من الملوك ولم يغير عليه عادة مستمرة له، ثم تجرّد لعلم الفقه، وسكن بيتا بمدرسة ابن قليج «١» ، وكانت جوار داره، وتصدى لحفظ القرآن الكريم، ومعرفة القراءات والتفسير، وقراءة الفقه، وفنون الأدب، ولازم أبا شامة، ودأب في العبادة والدين.
قلت: قال لي والدي رحمه الله: كان ابن قاضي بعلبك مختصا بصحبتنا، وكان يعود من مرض منا، ويتولى معالجته، وكان لا يرى التعمق في الوصف ولا المداواة بالكريه.
ويقول: ما ينتفع المريض بالكريه بقدر ما يتضرر به، لكراهيته له.
ويقول: ما لم يكن من المريض إقبال على الدواء لا تقبله أعضاؤه.
ويقول: ربما صار الدرياق سما والدواء داء بإفراط كراهية المريض.
قال والدي رحمه الله تعالى، وقد ذكره يوما: رحم الله ابن قاضي بعلبك، لم يكن في زمانه مثله في حسن شكله وسمته، وحسن حديثه وصحة صحبته، ولطف علاجه، وتبرّك الأعلّاء «٢» بمقدمه لرفقه بهم، وعدم إكراهه لهم على الكريه.
وقال: دخل علينا يوما ونحن نأكل طعاما فيه باذنجان قد قلي بدهن