ومنح الغياهب «١» أنقاض يومه، ودانى العلياء لو حفظ لسانه، ولفظ إلا إحسانه، لم يسلم من عثرات لا تقال، وتحفظ ولا تقال «٢» ، لعجلة كانت له خلقا، وكالت بالمكاييل عليه الشقا، فلم يخل من ملام، وكلام مثل كلام «٣» .
قال ابن أبي أصيبعة:" كان طبيبا فاضلا، بليغا عالما، مشهورا بالحذق والمعرفة، جيد التصنيف، عالي الهمة، وهو الذي شاع ذكره وانتشرت معرفته بالإسرائيلي، وهو من أهل مصر، وكان يكحّل في أوليته، ثم سكن القيروان، ولازم إسحاق بن عمرن، وتتلمذ له، وخدم المهدي عبيد الله «٤» بالطب، وعمّر إلى أن نيّف على مائة سنة، ولم يتزوج امرأة، ولا ولد ولدا، وقيل له: أيسرك أن تخلف ولدا؟.
فقال: أما إذا بقي بعدي كتاب" الحميّات" فلا!. يعني: أن بقاء ذكره بهذا الكتاب الذي صنفه أكثر من بقاء ذكره بالولد.
ويروى أنه قال: لي أربعة كتب تحيي ذكري أكثر من الولد «٥» .
وحكى قال: لما قدمت من مصر على ابن الأغلب، بعث إليّ بخمس مائة دينار، قويت بها على السفر، فلما وصلت أدخلت عليه ساعة وصولي، فسلمت عليه بالإمرة، وفعلت ما يجب أن يفعل للملوك من التعبد، فرأيت