إذا ما نشرناه فكالمسك نشره ... ونطويه لا طيّ السآمة بل ضنّا
فأما ما اشتملت عليه من الرضا فحكم الدهر ضرورة، وكون ما اتفق عارض بتحقق ذهابه ومروره ثقة بعواطف السلطان ومراحمه، وسكونا إلى ما جبلت النفوس عليه من معرفة فواضله ومكارمه، فهذا قول مثله ممن طهر الله دينه ونزّه من الشكوك ضميره ويقينه:[الكامل]
لا يؤيسنك من تفرج كربة ... خطب رماك به الزمان الأنكد
صبرا فإن اليوم يتبعه غد ... ويد الخلافة لا تطاولها يد
وأما ما أشار إليه من أن الذي مني به من تمحيص أوزار سبقت، وتنقيص ذنوب اتفقت، فقد حاشاه الله من الدنايا، وبرأه من الآثام والخطايا، بل ذلك اختبار لتوكله وثقته كما يبتلى المؤمنون الأتقياء، ويمتحن البررة الأولياء، والله يدبره بأحسن التدبير، ويقضي له بتسهيل كل عسير، وقد اجتمعت بفلان فأعلمني أنه تحت وعد، وأنه ينتظر فرصة من التذكار ينتهزها ويغتنمها، ويرتقب فرجة للتقاضي يتولجها ويقتحمها، والله يعينه على ما يضمر من ذلك وينويه، ويوفقه فيما يحاوله ويبغيه، وأما القصيدتان فما عرفت أحسن منهما مطلعا ولا أجود متصرفا ومتقطعا، ولا أملك للقلوب والأسماع، ولا أجمع للإغراب والإبداع، ولا أكمل في فصاحة الألفاظ وتمكن القوافي، ولا أكثر تناسبا على كثرة ما في الأشعار من التباين والتناهي، ووجدتهما يزدادان حسنا في التكرير والترديد، وتفاءلت فيهما بترتيب قصيدة الإطلاق بعد قصيدة التقييد، والله يحقق رجائي في ذلك وأملي، ويقرب ما أتوقعه، فمعظم السعادة فيه لي، ثم أطلق سراحه.