فأخبره بما أتيا له. فقال للرسول: أتضعها في التابوت وهي في الحياة؟. فقال:
لا، ولكن بعد موتها، فقال له: ارجع بهذا التابوت وقل للسلطان عني خاصة أنها لا تموت في هذه المرضة، فرجع وأخبره بذلك، فلما كان الليل استدعاه وقال له: أنت منعت عمل التابوت؟ قال له: نعم. قال له: بم عرفت ذلك دون الأطباء؟. قال: بمعرفتي بمزاجها دونهم. فقال له: امض فطبّبها، فطبّبها فعوفيت.
ومنها: أن الكامل لفّ مرة يده وأخرجها مع أيدي الحرم وهو يجس الأيدي، فلما انتهى إلى نبض الكامل قال: هذا نبض مولانا السلطان، وهو صحيح بحمد الله!.
ومنها: أنه جاءته امرأة من الريف ومعها ولدها شاب غلب عليه النحول لتريه إياه، واتفق أنها جاءت به إليه بالغداة، والوقت بارد، فجسّ نبضه، وبينما هو يجس نبضه، إذ قال لغلامه: ادخل ناولني الفرجية لألبسها، فتغير نبض الشاب عند قوله تغيرا كثيرا، فحدس أن يكون عاشقا، ثم جس نبضه بعد ذلك فتساكن، وعند ما خرج الغلام إليه وقال له: هذه الفرجية جس نبضه أيضا فوجده قد تغير.
فقال لوالدته: إن ابنك هذا عاشق، والذي يهواها اسمها" فرجية".
فقالت: إي والله يا مولاي هو يحب واحدة اسمها فرجية، وقد عجزت مما أعذله فيها، وتعجبت من قوله لها غاية العجب، ومن اطّلاعه على اسم المرأة من غير معرفة متقدمة له بذلك.
أقول: ومثل هذه الحكاية كانت عرضت لجالينوس لما عرف المرأة العاشقة، وذلك أنه كان استدعي إلى امرأة جليلة القدر وكان المرض قد طال بها، وحدس أنها عاشقة، فتردد إليها، ولما كان عندها وهو يجس نبضها، وكانت الأجناد قد ركبوا في الميدان وهم يلعبون، فحكى بعض الحاضرين ما كانوا فيه، وإن فلانا