حدثني الحكيم أمين الدين سليمان بن داود المتطبّب قال: كان الملك الصالح قد أعطى ابن البيطار ألف دينار لينفقها على أثمان أدوية دعت إليها حاجته، واجتناء حشائش شامية ورومية، فلما أتى بيت المقدس رأى امرأة نصرانية اسمها مريم، فأحبّها وأنفق عليها ذلك المال حتى أنفده وأهمل حاجة الملك الصالح، فلما قدم الملك الصالح إما قال: القدس، أو قال: دمشق، لم يكن لابن البيطار دأب ليله أراد الصالح يدخل البلد في صباحها إلا أنه أحضر النصرانية، وبات معها في أكل وشرب واستماع غناء واستمتاع حتى كان الثلث الآخر فأخرج حشيشة معه فسحقها في هون ثم استفها ونام، وقال: غطوني، ثم إذا أصبحتم لا تسحقوا شيئا في الهون حتى تجيدوا غسله فإنه قد صار مسموما، فلم يفهموا مقاله إلى أن أصبحوا فرأوه ميتا، ففهموا ما كان قاله، وغسلوا الهون، فلما دخل السلطان سأل عنه فحكيت إليه القصة فقال: لقد أساء بنا الظن وأين مثله لأشتريه بشطر ملكي، والله لو علمت لأعطيته عشرة آلاف دينار يصرفها في لذته، وكان أمتعنا بنفسه.
قلت: ويحكى أنه ترك عقاقير كثيرة ومفردات عدة لم يذكرها في كتابه الجامع ضنا بها، وبخلا على غيره بمعرفتها. قال لي الحكيم صلاح الدين ابن البرهان: كان ابن البيطار يعرف مما يدخل في علم الكيمياء أشياء لم يذكره في جامعه.
قلت: وابن البرهان كان مغرى بالكيمياء، مصدقا بعلمها وإن كان لا يعملها بيده، ولهذا أظنه قال ما قال:[الوافر]