رأى «١» ابن أبي عتيق يوما حلق ابن عائشة مخدّشا، قال: من فعل بك هذا؟
فقال: فلان، فمضى ونزع ثيابه، وجلس للرجل على بابه، فلما خرج، أخذ بتلابيبه «٢» ، وجعل يضربه ضربا شديدا، والرجل يقول: مالك تضربني؟ أي شيء صنعت؟ وهو لا يجيبه حتى فرغ منه، ثم خلاه، وأقبل على من حضر فقال: أراد أن يكسر مزامير داود، شدّ على ابن عائشة فخنقه وخدش حلقه.
قال صالح بن حيّان «٣» ، وذكر يوما المغنّين بالمدينة، فقال: لم يكن بها أحد بعد طويس «٤» أعلم من ابن عائشة، ولا أظرف «٥» مجلسا ولا أكثر طيبا، وكان يصلح أن يكون نديم خليفة وسمير ملك.
قال إسحاق: كان ابن عائشة تائها سيىء الخلق، فإن قال له إنسان تغنّ، قال:
ألمثلي يقال هذا؟ فإن قال له قائل وقد ابتدأ وهو يغني: أحسنت، قال: ألمثلي يقال أحسنت؟ وسكت، وكان قليلا ما ينتفع به، فسال العقيق مرة «٦» ، فدخل