الماء عرصة سعيد بن العاص «١» حتى ملأها، فخرج الناس إليها، وخرج ابن عائشة فيمن خرج، فجلس على قرن الثنيّة، فبيناهم كذلك إذ طلع الحسن «٢» بن علي عليهما السلام، على بغلة وخلفه غلامان أسودان كأنهما الشياطين، فقال:
امضيا رويدا حتى تقفا بأصل القرن الذي عليه ابن عائشة، فخرجا حتى فعلا ذلك، ثم ناداه الحسن: كيف أصبحت يا ابن عائشة؟ فقال: بخير فداك أبي وأمي، قال: انظر من تحتك، فنظر فإذا العبدان «٣» ، فقال له: أتعرفهما؟ قال نعم، قال: هما حرّان لئن لم تغنّ مئة صوت لأمرتهما بطرحك، وهما حرّان لئن لم يفعلا لأنكلنّ بهما «٤» ولآمرنّ بقطع أيديهما، فاندفع ابن عائشة يغني، وكان أول ما ابتدأ به صوت، وهو:«٥»[مجزوء الوافر]
ألا لله درّك من ... فتى قوم إذا رهبوا
«٦» ثم لم يسكت حتى غنّى مئة صوت، فقال: إن الناس لم يسمعوا من ابن عائشة أكثر مما سمعوه ذلك اليوم، وكان آخر ما غنّى به:[البسيط]«٧»