فلم يجده، فقال له: يا هذا شربت حراما، وأيقظت نياما، وغنّيت خطأ، خذه عنّي، فأصلحه له وانصرف.
قال: خرج ابن أبي عتيق على نجيب له من المدينة، قد أوقره من طرفها المآرب «١» وغير ذلك، فلقي فتى من بني مخزوم مقبلا من بعض ضياعه، فقال:
يا بن أخي أتصحبني؟ قال: نعم، قال المخزومي فمضينا حتى إذا قربنا من مكة جزناها، فصرنا إلى قصر، فاستأذن ابن أبي عتيق، فأذن له، فدخلنا فإذا رجل جالس كأنه عجوز ويداه مختضبة لا شك في ذلك، فإذا هو الغريض قد كبر، فقال له ابن أبي عتيق: تشوّقنا إليك، وأهدى له ما كان معه، ثم قال: نحبّ أن نسمع:
عوجي علينا ربّة الهودج
فقال: ادعوا فلانة، جارية له، فجاءت فغنت، فقال لها: ما صنعت شيئا، ثم حلّ خضابه [ص ١٤] وغنّى:
عوجي علينا ربّة الهودج
فما سمعت أحسن منه، فأقمنا عنده أياما كثيرا، وخبّازه قائم، وطعامه كثير، ثم قال ابن أبي عتيق: إني أريد الشخوص، فلم يبق بمكة تحفة عدنيّ ولا يماني ولا عود إلا أوقر به راحلته، فلما رحلنا وبرزنا، صاح به الغريض: هى هى، فرجعت إليه، فقال: ألم ترووا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: (يحشر من بقيعنا هذا سبعون ألفا على صورة القمر ليلة البدر) ؟ فقال له ابن أبي عتيق: