قال: يا غريض، إني أريد أن «١» أخبرك بشيء يتعجل لك نفعه، ويبقى ذكره، فهل لك فيه؟ قلت: من ذاك ما أنت أهله، قال: إني قد قلت في الليلة التي كنا فيها شعرا، فامض به إلى النسوة فأنشدهن ذلك، وأخبرهن أني قد وجهت بك عامدا، قال: نعم، فحمل الغريض الشعر ورجع إلى المدينة فقصد لسكينة، وقال لها: جعلت فداك يا سيدتي ومولاتي، إن أبا الخطاب- أبقاه الله- وجّهني إليك قاصدا، قالت: أو ليس في خير وسرور وبركة؟ قال: نعم، قالت:
وفيم وجّهك أبو الخطاب حفظه الله؟ قال: جعلت فداك، إن ابن أبي ربيعة حمّلني شعرا، وأمرني أن أنشدك إياه، فقالت: هاته، فأنشدها:
ألمم بزينب إنّ البين قد أفدا ... قلّ الثّواء لئن كان الرّحيل غدا
الشعر كله، فقالت: يا ويحه ما كان عليه ألا يرحل في غد، فوجهت إلى النسوة، فجمعتهن وأنشدتهن الشعر، وقالت للغريض: هل عملت فيه شيئا؟
قال: قد غنّيته «٢» ابن أبي ربيعة، قالت: فهاته، فغناه الغريض، فقالت سكينة:
أحسنت والله، وأحسن ابن أبي ربيعة ولولا أنك سبقت وغنيته ابن أبي ربيعة لأحسنّا جائزتك، يا بناتة، أعطه لكل [بيت] ألف درهم، فأخرجت بأبياته أربعة آلاف درهم، فدفعتها إليّ، وقالت سكينة: لو [ص ١٦] زادنا عمر لزدناك.
قال محمد بن سلام: حجت «٣» عائشة بنت طلحة بن عبيد الله، فجاءتها الثّريّا وأخواتها ونساء أهل مكة القرشيات وغيرهن، وكان الغريض ممن جاء، ودخل النسوة عليها، فأمرت لهنّ بكسوة وألطاف «٤» كانت قد أعدتها لمن