جاءها «١» ، فجعلت كل واحدة تخرج ومعها جاريتها تحمل ما أمرت لها به عائشة، والغريض بالباب، حتى خرج مولياته مع جواريهن الخلع، فقال الغريض: أين نصيبي من عائشة؟ فقلن له: أغفلناك وذهبت عن قلوبنا، فقال: ما أنا ببارح من بابها أو آخذ بحظي منها، فإنها كريمة، واندفع يغني بشعر جميل:«٢»[الطويل]
تذكّرت ليلى والفؤاد عميد ... وشطّت نواها والمزار بعيد
فقالت: ويلكم، هذا مولى العبلات بالباب قد ذكر بنفسه، هاتوه، فدخل، فلما رأته ضحكت، ثم قالت: لم أعلم بمكانك، ثم دعت له بأشياء أمرت له بها، ثم قالت له: إن غنّيتني «٣» صوتا في نفسي، فلك حكمك، فغنّاها في شعر كثير:«٤»[الطويل]
وما زلت في ليلى لدن طرّ شاربي ... إلى اليوم أخفي حبّها وأداجن
وأحمل في ليلى لقلبي ضغينة ... وتحمل في ليلى عليّ الضّغائن «٥»
فقالت: ما عدوت والله ما في نفسي، ووصلته وأجزلت، قال إسحاق: فقلت لأبي عبد الله: فهل علمت [حديث]«٦» هذين البيتين؟ ولم سألت الغريض ذلك؟ قال: نعم، حدثني أبي قال، قال الشعبي: دخلت المسجد فإذا بمصعب بن الزبير على سرير جالس، والناس حوله، فسلمت، ثم ذهبت لأنصرف، فقال لي:
ادن، فدنوت حتى وضعت يدي على مرافقه «٧» ، ثم قال لي: إذا قمت فاتبعني،