وخلقا، فقال: يا معبد كيف تطرّيت «١» إلى مكة؟ فقلت: جعلت فداك: وكيف عرفتني؟ قال: بصوتك، فقلت: وكيف ولم تسمعه قط؟ فقال: لما غنيت عرفتك، وقلت: إن كان معبد في الدنيا فهذا، فقلت جعلت فداك كيف أحسنت «٢» بقولك:
ولا أنس م الأشياء لا أنس قولها ... وقد قربت نضوي أمصر تريد
فقال: علمت أنك تريد تسمع صوتي: «٣»[الطويل]
وما أنس م الأشياء لا أنس شادنا ... بمكة مكحولا أسيلا مدامعه
فلم يكن إلى ذلك سبيل، لأنه صوت قد نهيت أن أغنيه، فغنيتك هذا الصوت، جوابا لما سألت، فقلت: والله ما عدوت ما أردت، فهل لك حاجة؟
فقال: يا أبا عبّاد، لولا ملالة الحديث وثقل إطالة الجلوس، لاستكثرت منك، فاعذر، فخرجت من عنده [ص ٢١] وإنه لأجل الناس عندي، ورجعت فما رأيت إنسانا هو «٤» أعظم منه في عيني، وذكرت جميلا وبثينة، فقلت: لئن أصبت إنسانا يحدثني بقصة جميل وقوله هذا الشعر، فسألت عن ذلك، فإذا الحديث مشهور، وقيل: إن أردت أن تخبر بما شاهدته فأت بني حنظلة فإن فيهم شيخا منهم يقال له فلان فيخبرك الخبر، فأتيت الشيخ فسألته فقال: نعم بينا أنا في إبل في الربيع إذا أنا برجل منطو على راحلته كأنه جان، فسلم عليّ ثم قال لي: ممن أنت يا عبد الله [فقلت] : أحد بني حنظلة، قال: فنسبني حتى بلغت فخذي الذي أنا منه، ثم سألني عن بني عذرة، فقلت هل ترى ذلك السفح «٥»