علقت الهوى [منها] وليدا فلم يزل ... إلى اليوم ينمي حبّها ويزيد
فو الله ما سمعت حركة الباب، فقلت: بطل سحري وضاع تعبي، وجئت أطلب ما هو [ص ٢٠] عسير عليّ، واحتقرت نفسي، وقلت: لم يتوهمني «١» لضعف غنائي عنده، فما شعرت إلا بصائح يصيح بي: يا معبد، ابلغني أفهم، وبلّغ عنّي شعر جميل الذي تغنّي [فيه] يا شقي البخت، وغنى:«٢»[الطويل]
ولا أنس م الأشياء لا أنس قولها ... وقد قربت نضوي أمصر تريد
ولا قولها لولا العيون التي ترى ... أتيتك فاعذرني فدتك جدود
خليليّ ما أخفي من الوجد باطن ... ودمعي بما قلت الغداة شهيد
يقولون جاهد يا جميل بغزوة ... وأيّ جهاد غيرهنّ أريد
لكل حديث بينهن بشاشة ... وكل قتيل بينهن شهيد
قال: فلقد سمعت شيئا لم أسمع قط أحسن منه، وقصر إلى نفسي، وعلمت فضله عليّ، وقلت: إنه لحريّ بالاستتار من الناس ترفيها «٣» لنفسه، وتعظيما لقدره، وإن مثله لا يستحق الابتذال، ولا أن يتداوله الرجال، فأردت الانصراف إلى المدينة راجعا، فلما كنت غير بعيد، إذا بصائح يصيح: يا معبد، انتظر أكلمك، فرجعت فقال لي: إن الغريض يدعوك، فأسرعت فرحا، فدنوت من الباب، فقال: أتحب الدخول، فقلت: وهل إلى ذلك من سبيل؟ فقرعت الباب، فقال لي: ادخل، فدخلت فإذا الشمس طالعة في بيت، فسلمت، فردّ عليّ السلام، ثم قال: اجلس فجلست، فإذا أنبل الناس وأحسنهم وجها وخلقا