من بيانه وفصاحته مع سواده، فقال عبد الملك متمثلا:«١»[الطويل]
وإن عرارا إن يكن غير واضح ... فإنّي أحبّ الجون ذا المنكب العمم
فضحك عرار من قوله ضحكا غاظ عبد الملك، فقال له: ممّ ضحكت ويلك؟
قال: ألا تعرف عرارا يا أمير المؤمنين الذي قيل فيه هذا الشعر؟
قال: لا، قال: فأنا والله هو، فضحك عبد الملك وقال: حقّ وافق حكمة «٢» ، وأحسن جائزته وسّرحه. قال أبو عبد الله: وإنما أراد الغريض [أن] يغنّي يزيد بتمثيلات عبد الملك وسائر أموره.
قال يونس الكاتب: حدثني معبد قال خرجت إلى مكة في طلب لقاء الغريض وقد بلغني حسن غنائه في لحنه: «٣»[الطويل]
وما أنس م الاشياء لا أنس شادنا ... بمكّة مكحولا أسيلا مدامعه
وقد كان بلغني أنه أول لحن صنعه، وأنّ الجنّ نهته أن يغنيه، لأنه فتن طائفة منهم من مكة لأجل ذلك وحسنه، فلما قدمت مكة سألت عنه فدللت على منزله، فأتيته فقرعت الباب، فما كلمني أحد، فسألت بعض الجيران، فقلت: هل في الدار أحد؟ قالوا: نعم، الغريض، فقلت: إني قد أكثرت دقّ الباب فما أجابني أحد، قالوا:
إن الغريض هناك، فرجعت فدققت الباب فلم يجبني، فقلت: إن نفعني غنائي يوما من الدهر نفعني اليوم، فاندفعت فغنيت لحني في شعر جميل:«٤»[الطويل]