ما زلنا في حديث الزّنا حتى رجع، وكان حمل الغريض معه، فقال له: يا أمير المؤمنين، إن عندي أجمل الناس وجها وأحسنهم حديثا، فهل لك أن تسمعه؟
فقال: هاته، فدعا به، فقال له: أسمع أمير المؤمنين أحسن شيء قلته، فاندفع يغني بشعر جميل:«١»[الكامل]
إني لأحفظ سرّكم ويسرّكم ... لو تعلمين بصالح أن تذكري
ويكون يوم لا أرى لك مرسلا ... أو نلتقي فيه عليّ كأشهر
يا ليتني ألقى المنيّة بغتة ... إن كان يوم لقائكم لم يقدر
ما كنت والوعد الذي تعدينه ... إلا كبرق سحابة لم تمطر
تقضى الديون وليس ينجز عاجلا ... هذا الغريم لنا وليس بمعسر «٢»
قال: فاشتد سرور الوليد بذلك وقال: يا عمر، هذه رقيتك، ووصله وكساه [وقضى] حوائجه.
قال: وكانت وفاة الغريض في أيام سليمان بن عبد الملك، أو عمر بن عبد العزيز ولم يتجاوزها، وكان موته باليمن، لأن الوليد كان ولى نافع بن علقمة مكة، فهرب منه الغريض، فأقام باليمن واستوطنها مدة، ثم مات بها.
قال عمر بن شبّة «٣» : زعم المكيّون أنّ الغريض أتى بلادا من بلاد الجنّ، فغنّى ليلا:«٤»[مجزوء الوافر]