يقول: فكما جاء عليّ فأنا أقوم أخففك وإني إلى التخفيف أحوج، فتقول المرأة:
هذا الأمر مستور [ص ٣٨] . فيجامعها، حتى إذا قضى لذته منها، قال لها: أما أنت فقد استرحت وأمنت العيب، وبقيت أنا. ثم يجيء إلى الزوج فيقول له «١» : قد وعدتها أن تدخل إليك الليلة، وأنت رجل غريب عزب، ونساء أهل المدينة يريدون المطاولة، وكأني بك لما تقربها تفرغ وتقوم، فتبغضك وتمقتك، ولو أعطيتها الدنيا، ولا تنظر في وجهك بعدها، ولا يزال في مثل هذا القول حتى يعلم أنه قد هاجت شهوته، فيقول: تطلب زنجية تجامعها مرتين أو ثلاثة حتى يسكن عليك، فإذا دخلت الليلة بأهلك لم تجد أمرك إلا جميلا، فيقول له:
أعوذ بالله من هذا الحال، زنا وزنجية؟ لا والله ما أفعل، فإذا أكثر محاورته فيقول له: قم فافعل بي أنا حتى تسكن عليك غلمتك وشبقك، فيفرح، ويفعل ذلك مرة أو مرتين، فيقول له: قد استوى أمرك وطابت نفسك، فتدخل على زوجتك فتجامعها مجامعة تملأها سرورا ولذة، فيقرب المرأة قبل زوجها، والرجل قبل امرأته، فكان ذلك دأبه، فبلغ ذلك سليمان بن عبد الملك، وكان غيورا، فأمر بأن يخصى هو وسائر المخنثين، وقال: إن هؤلاء يدخلون على نساء قريش ويفسدونهن، فورد الكتاب على ابن حزم [فخصاهم] . وقد قيل إن الذي هيج سليمان بن عبد الملك على ما فعله بمن كان بالمدينة من المخنثين أنه كان مستلقيا على فراشه في الليل، وجارية إلى جانبه، وعليها غلالة ورداء معصفران، وعليها وشاحان من ذهب، وفي عنقها فضلات من حب لؤلؤ وزبرجد وياقوت، وكان سليمان بها مشغوفا، وفي عسكره رجل يقال له سمير الأيلي يغنّي، فلم يفكر سليمان في غنائه شغلا بها، وإقبالا عليها وهي لاهية عنه لا تجيبه مصغية إلى الرجل، حتى طال ذلك على سليمان، فحول وجهه مغضبا، وعاد إلى ما كان من