همه بها، فسمع سميرا يغني بأحسن صوت وأطيب نغمة:«١»[البسيط]
محجوبة سمعت صوتي فأرّقها ... من آخر الليل لما طلّها السّحر
تدني على جيدها ردني معصفرة ... والحلي فيها على لبّاتها خصر
في ليلة النّصف ما يدري مضاجعها ... أوجهها عنده أبهى أم القمر
لو خلّيت لمشت نحوي على قدم ... تكاد من رقّة للمشي تنفطر
قال: فلم يشكّ سليمان أن الذي بها مما سمعت، وأنها تهوى سميرا، فوجه من وقته بمن أحضره ودعا [ص ٣٩] لها بالسيف والنطع، وقال لها: والله لتصدقنّي، أو لأضربن عنقك، قالت: سلني عما تريد، قال: أخبريني عما بينك وبني هذا الرجل، قالت: والله ما أعرفه ولا رأيته قط، وأنا جارية منشئي الحجاز، ومن هنالك حملت إليك، والله ما أعرف بهذه البلاد أحدا سواك، فرقّ لها، وأحضر الرجل فسأله عن مثل ذلك وتلطف في المسألة، فلم يجد بينه وبينها شائبة، ولم تطب نفسه بتخليته سويا فخصاه، وكتب إلى جميع عمّاله بذلك.
قال: لما أخصى المخنثين مرّ بابن أبي عتيق فقال: أخصيتم الدّلال، والله لقد كان يجيد:«٢»[مجزوء الوافر]
لمن ربع بذات الجي ... ش أمسى دارسا خلقا «٣»
ثم رجع فقال: إنما أعني خفيفه، لست أعني ثقيله.
قال حمزة النوفلي: صلّى الدّلال المخنث إلى جانبي فضرط ضرطة هائلة سمعها من في المسجد فرفعنا رؤوسنا وهو ساجد يقول في سجوده رافعا صوته: