بالخيف «١» ، ويقوم به السرور فيميل بالحيف، فكان يثقل على محاضره، وينغص على جليسه وناظره، لكنه كان من الجلّة السوابق، وأهل التقدم المأخوذة عنهم الطّرائق، ما غنّى إلا أطرب، ولا قال إلا أعرب.
قال أبو الفرج الأصفهاني، قال محبوب بن الهفتي: دعاني محمد بن سليمان فقال: قدم فليح بن أبي العوراء من الحجاز وقد نزل عند مسجد ابن رغبان «٢» ، فسر إليه وأعلمه إن جاءني قبل أن يدخل إلى الرشيد خلعت عليه خلعة من ثيابي، ووهبت له خمسة آلاف درهم، فمضيت فأخبرته بذلك، فأجابني إليه إجابة مسرور به، نشيط له، وخرج معي فعدل إلى حمام كان بقربه، فدعا القيّم فأعطاه درهمين، وسأله أن يجيئه بشيء يأكله ونبيذ يشربه، فجاءه بشراب ورأس عجل ودوشابي «٣» غليظ مسحوري «٤» رديء، فقلت: لا تفعل وجهدت به أن لا يأكل ولا يشرب إلا عند محمد بن سليمان فلم يلتفت إليّ، وأكل من ذلك الرأس وشرب من ذلك النبيذ حتى طابت نفسه، [وغنى] وغنى القيّم معه مليّا، ثم خاطب القيّم بما أغضبه، وتلاحيا «٥» وتواثبا، فأخذ القيّم شيئا [فضربه به على] رأسه فشجه حتى جرى دمه، فلما رأى الدم سائلا على وجهه، اضطرب وجزع، ثم قام فغسل وجهه، وعاجله بصوفة محروقة وزيت